متصفحك لا يتحمل لغة جافا سكريبت الفينيقيون - أحيرام ملك بيبلوس

أحيرام ملك بيبلوس

أقدم وأشهر تابوت فينيقي هو تابوت أحيرام ملك جبيل - بيبلوس (القرن العاشر ق.م.). تم اكتشافه خلال الحفريات التي بدأها علماء الآثار الفرنسيين بعد انهيار أرضي . وُجِدَ الناووس في المدفن الخامس، وهو محفوظ الان في المتحف الوطني في بيروت، يعتبر من اهم قطع مجموعة المتحف. يعود تاريخ تصميمه إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد. استخدم أولا لدفن شخصية بارزة مصرية ومن ثم استخدمه الملك اتوبغل كنعش لوالده أحيرام.

المتحف الوطني
المتحف الوطني

شهرة وأهميًة هذا الناووس تتعلق بوجود نقش من الأحرف الأبجدية الفينيقية المحفورة ابتداءً من الحافة العلية من الزاوية القصيرة وتنتهي في الغطاء ومكتوبة من اليمين إلى اليسار، هذا النقش هو أقدم نص فينيقي وصل إلى عصرنا. من الاثني وعشرين حرف أبجدي فينيقي، تسعة عشر تظهر هنا. يشير النص إلى أن الناووس تم استعماله من قبل اتوبعل، ابن الملك أحيرام من جُبَلْ (بيبلوس)، لوالده، ليبقى منزله إلى الأبد.

"إذا ظهر ملك، أو حاكم، أو قائد جيش أمام جُبَلْ وفتح التابوت، فلينكسر صولجانه، وليسقط عرش مملكته وليهرب السلام من جُبَلْ وليمحي ذكراه في الآخرة وإلى الأبد".

قبر أحيرام قبر أحيرام

وفقا لعالمة الآثار هيلين صادر(1)، من المقبول عموما أن تصنيع الناووس يعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وهو أقدم من النقوش التي يحملها (الأبجدية ١٩ حرفا). كشفت الفحوص التي أجريت على هذا النصب آثار من شبه الهيروغليفية القديمة التي تواجدت وكانت تستعمل من قبل الحروف الأبجدية الفينيقية. وهنالك أيضا بعض المعالم والموجودات التي تم العثور عليها في حجرة الدفن بجانب الناووس والتي يعود تاريخها إلى عهد رمسيس الثاني (القرن الثالث عشر). هذه الإثباتات تشهد أن الناووس قد تم استعماله من قبل الملك أحيرام، واستعاده الملك اتوبعل من اجل والده وأضاف عليه النص الفينيقي وذألك في القرن العاشر.

ينقسم الخبراء والعلماء حول هذا التناقض، فيعتمد البعض أن الناووس والنقوش والنص الأبجدي قد تم إنجازها في نفس التاريخ: القرن الثالث عشر، بينما يختار البعض الآخر أن النص أضيف من أجل إعادة استعمال هذا الناووس للملك أحيرام في القرن العاشر. الدراسات العلمية لم تستطع أن تثبت هذه أو تلك النظرية، فإلى أي قرن يعود أقدم نص فينيقي مكتشف حتى الأن؟ هذا هو السؤال المطروح دائما.

ناووس أحيرام تفاصيل من الناووس

نُحِتَ هذا الناووس المكعب في الحجر الكلسي الآت من مقالع جبال منطقة جبيل، على قائمته أربعة أسود رابضة وعلى جوانبه نقوش تمثل مواكب جنائزية. من جهة، نرى ملك (أو إله) على عرش يحيط بها تماثيل أبي الهول المجنح، مقابله مصلين وحملة قرابين يتوجهون إلى طاولة منصوبة أمامه. أما على الجانب الآخر، نقوش تمثل مجموعة من المصلين في تشييع جنازة. هناك أيضا منحوتات لنساء تضرب نفسها وتنتف شعرها كعلامة على الحداد. نميز على الغطاء نقوش تمثل شخصين يحمل كلٍ منهما زهرة اللوتس، وجها لوجه يفصلهما أسدين على مثال اسود القاعدة. من المفترض أن هاتين الشخصيتين تمثل الملك أحيرام مع زهرة اللوتس الذابلة رمزا للموت، وابنه اتوبعل مع اللوتس المتوهجة المزهرة رمزا للحياة. رؤوس الأسدين تتجاوز جوانب الغطاء لفتحه وإغلاقه. آثار طلاء أحمر لا تزال واضحة على الغطاء وهو ما يعني أن الناووس كان مطليا.

خلال الاشتباكات المسلحة التي عصفت بلاد الأرز منذ العام ١٩٧٥، بادر مسؤولي المتحف تحت رئاسة الأمير موريس شهاب، بنقل وحماية مجموعة المتحف من اجل حفظها ضد النهب والتلف. ما يتعلق بالقطع الضخمة، كناووس الملك أحيرام، ولصعوبة نقلها بسبب حجمها ووزنها، قرر المير شهاب تركها في المتحف مع تغطيتها بطبقة كثيفة من الباطون المسلح. عند نهاية الصراع في العام ١٩٩١، بدأت أعمال الترميم لإعادة فتح المتحف وتم إخراج هذه القطع من غلافها وإعادة تأهيلها من أجل عرضها من جديد في القاعات المخصصة والمرممة من المتحف.

الكشف عن ناووس أحيرام
الكشف عن ناووس أحيرام

أما بالنسبة إلى الناووس، فتم إعارته لمعهد العالم العربي في باريس لإقامة معرض: "Liban, l’autre rive" "لبنان .. الضفة الأخرى"، الذي عُقِدَ في مقر المعهد من ٢٧ كانون الأول ١٩٩٨ إلى ٢ أيار ١٩٨٩. منذ ذلك الحين، استعاد الناووس مقامه المميز كأبرز قطعة من المجموعة المعروضة في المتحف الوطني في بيروت.






(1) Hélène SADER, article tiré du livre Liban, l'autre rive, IMA, Flammarion, 1998, p.126. Retour texte

عودة إلى الصفحة الرئيسية